٩-الشعور بالخواء الداخلي(نوع من الاكتئاب)
يقول الدكتور "براد شو" في كتابه " العودة إلى الطفولة "
من المؤلم نفسياً ان يسيطر الطفل الداخلي المريض على شخصية الشخص فتصبح شخصيته مزيفة منذ طفولته 
 لا تعكس شخصيته السليمة بدون هذه العقد النفسية التي تكونت بسبب طفولته البائسة.. وأصبح بها فاقداً لذاته الأصلية ..
مما يجعله يشعر بخواء شبيه بالفجوة في داخله.. وهذا يحدث عندما يفقد الطفل ذاته الحقيقية ويكون بذلك غير قادر على التواصل  مع مشاعره وحاجاته ورغباته الذاتية ..وما يحدث فعلاً أنه يتعامل مع مشاعر تتطلبها نفسه المزيفة المجروحة بأن يمثل مشاعر لا يشعر بها حقيقة فقط لإرضاء من يعذبه أو يؤلمه ..وتكون هي نفسه التي يتعود على متطلباتها.
ويوضح أحد الأشخاص اللذين شفوا من عقدهم النفسية مع الطبيب النفساني بأنه يشعر وكأنه يقف على جانب من الطريق ويدع الحياة تمر به لا علاقة له بها.. هذا الاحساس الفارغ هو شبيه بالاكتئاب ..ويشعر الشخص وهو ينمو وكأنه دائما في حالة حداد على روحه الأصلية التي أحتلت روحه المزيفة مكانها.. وكل هؤلاء الأطفال يشعرون أن حياتهم مزيفة ..هم يعيشونها لكنهم غرباء عنها بهذا الإحساس الأجوف الذي يجعلهم يشعروا بالوحدة ولاكتئاب.. وحتى إذا أنجزوا عملاً ناجحاً ..فإنهم يشعروا أنهم وحدهم.
ويعطي الدكتور "براد شو" مثالاً لهذا الشعور المؤلم من تجربته الذاتية لكونه أحد هؤلاء الأطفال المعذبين في طفولتهم مع والده السكير الذي كان يهمله بسبب ادمانه على الكحول وإهماله لتربيته وعدم ابداء مشاعر الحب له  في طفولته وشبابه
فيقول بأنه  رغم طموحه ورغبته أن يكون قائداً في أي مجموعة طلابية ينضم إليها.. ورغم أنه كان اجتماعياً في المدرسة وينال الأعجاب ممن حوله إلا أنه لم يشعر أبداً أنه متواصل معهم أو راغباً في عقد صداقة مع أحدهم.. ويأتي بمثال لحدث مر به قائلاً:
"أتذكر عندما ألقيت يوماً خطاباً في الجامعة حول كاتب كبير  تناول في بحوثه مرحله هامة في التاريخ المسيحي ..لاقى خطابي اعجاب الحاضرين 
وقام الحاضرون بالتصفيق طويلاً لشدة اعجابهم بما طرحته من مواضيع خاصة بهذا الموضوع.. أتذكر أني شعرت بأني أريد أن أتخلص من فراغ نفسي ووحدتها بالانتحار. 
هذه الحادثة أثبتت لي كيف يلوث الطفل المريض بذكرياته المؤلمة داخل نفسية الشخص الناضج ..إحساس الفراغ في نفوسهم يشبه آلام الضرس عندما يؤلم صاحبه.. ولأني طبيب نفسي كان يؤلمني كثيراً عندما يشرح لي المريض آلامه النفسية وأشعر بالإرهاق العصبي وأنا استمع إليه،
وأخيرا ..هذا الإحساس المؤلم يشعر به كل الأشخاص الذي تعرضوا لطفولة بائسة مؤلمة بطرق مختلفة ..لكن على الشخص الذى تعرض لهذه التجارب القاسية أن يبحث في نفسه عن الحالات النفسية  القديمة التي تتدخل في حياته الحاضرة كشخص ناضج وتسبب له الألم النفسي والاكتئاب وذلك باللجوء إلى الطبيب النفسي ليدرس حالته ويجري الجلسات التي يحتاجها ليتخلص من شبح هذه الذكريات المؤلمة ويستعيد بذلك شخصيه الحقيقية وصحته النفسية.
لقد انتهيت من الكتابة عن العقد النفسية التي يبتلي بها الأطفال وتدمر اطمئنانهم النفسي وتشوه نظرتهم لذواتهم فلا يتمتعوا بحياتهم المستقبلية والمؤسف أنهم يعيدوا ما حدث لهم على حياتهم الأسرية فيمارسوا  نفس التصرفات التي آلمتهم وعقدت نفسياتهم على أبنائهم ليصابوا بنفس العقد النفسية التي تفقدهم ذاتهم الأصلية ويحدث لهم كل ما ذكرته سابقاً .إذا لم يعاجوا أنفسهم علاجاً نفسياً سليماً  يكلفهم مبالغ كبيرة ..لا يستطيع بعضهم توفيره.. فيعيشوا معذبين وأحياناً منحرفين يسببون الشقاء لأنفسهم وأسرهم.